الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي |
اتذكر جيدا عندما كنت في الاول متوسط عام 1988, كنت ادخر من مصروفي اليومي, كي اشتري مجلة (الف باء) التي تصدر كل اربعاء, حيث كانت اغلب العوائل البغدادية تقتنيها في يومها, وذات يوم صدرت مع بوستر كبير لمنتخبنا الوطني, مما جعل القراء يتزاحمون على اقتنائها, فكنا نسرع الخطى انا وصديقي باتجاه المكتبة, لكن كان وصولنا متأخرا فلم يتبقى في المكتبة الا نسخة واحدة من مجلة الف باء, كلانا كنا نريد العدد, فقررت صاحبة المكتبة ان تقوم بقرعة, وفاز صديقي بالعدد وصورة منتخبنا الوطني.
فيما بعد اعارني صديقي العدد وكان وجبة دسمة, كانت ايام تتسم بالبساطة قبل عاصفة الواي فاي والكوكل.
مجلة ألف باء هي مجلة أسبوعية عراقية مشهورة جدا, تأسست في 22 ايار من عام 1968, وساهم في تحريرها نخبة من الصحفيين الشباب آنذاك أمثال سجاد الغازي وضياء حسن, وكانت تصدر عن المؤسسة العامة للصحافة في عهد الرئيس العراقي عبد الرحمن محمد عارف, ثم صارت تصدر عن دار الجماهير للصحافة, وبعدها صارت تصدر عن دار ألف باء, وقد تعاقب على رئاسة تحريرها العديد من مشاهير الصحفيين من أمثال: عبد الجبارالشطب، خالد علي مصطفى وحسن العلوي، صاحب حسين، سامي مهدي، كامل الشرقي، أمير الحلو، رافع الفلاحي.
كانت منبر مهم لنا نتزود منه, وفسحة صغيرة لنشر ما نكتب, ضمن ابواب القصة القصيرة والشعر والقراء, ولا يمكن ان ننسى عزيزي عزوز او كاركاتيرات ام ستوري, كنا من خلالها نعرف ما يجري في عالم الفن واخر اخبار المشاهير, وكانت ترصد الأخبار السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية، الدولية منها والمحلية، نعم تاثرت قيمتها بسطوة البعثيين والمتملقين الذي حاولوا تسخير الكثير من صفحاتها لفكر البعث واخبار الطاغية.
اشتهرت بكونها مجلة تمتاز بتنوعها، وكانت تعتبر المجلة العراقية الأولى، كما أنها كانت تتمتع بسمعة عربية ودولية محترمة قبل عقد التسعينات، وتعتبر من المجلات العربية المتميزة في عدد النسخ التي كانت تطبع وتوزع منها اسبوعيا، فخلال عقد الثمانينات بلغ عدد النسخ المطبوعة منها اسبوعيا (175000) نسخة، وكان السوق يطلب ربع مليون, لكن إمكانية زيادة المطبوع لم تكن متوفرة لأسباب فنية تتعلق بمكائن الطبع، وهذا الرقم لم يصل اليه اي مطبوع في العراق, مما يعطيها تفرد كبير على مستوى العراق.
وبالرغم من الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق نتيجة رعونة راس السلطة صدام, إلا أن مجلة الف باء استمرت في الصدور اسبوعيا, واضطرت إلى تخفيض عدد النسخ المطبوعة منها بسبب ضروف الحصار حتى بلغت 30 ألف نسخة أسبوعية, وقلصت عدد الصفحات إلى 48 صفحة بدلا عن 80 صفحة, لكن اصبحت بشعة جدا باستخدام نوعية ورق سيء, ففقدت تلك الالوان الزاهية ونوعية الورق الفاخر, وهجرها كتابها المتميزون بسبب ضروف البلد, وتقليص عدد صفحاتها اغلق ابواب جميلة كانت تصدر اسبوعيا.
كان آخر عدد من مجلة ألف باء قد صدر في يوم الأربعاء التاسع من نيسان 2003 حيث كان العدد جاهزا للتوزيع, لكنه لم يوزع بسبب دخول قوات الاحتلال الأمريكية إلى بغداد، وبقيت الاعداد المطبوعة في مطبعة دار الحرية في الوزيرية, والتي تعرضت بعد ذلك اليوم إلى النهب والحرق، وبذلك انتهت مسيرة مجلة الف باء التي استمرت 35 عاما, وبعد الاحتلال صدرت مجلة أخرى بنفس الاسم, لكنها لا تشبه مجلة الف باء الاصلية في شيء, برغم محاولة تقليدها واستغلال اسمها وسمعتها الطيبة وتاريخها الطويل.
مطلب مهم:
اتمنى ان يتم ارشفة جميع الاعداد لحفظها من الضياع, وان يكون هنالك موقع الكتروني متخصص للمجلة, يتم فيه حفظ كل الاعداد السابقة بصيغة PDF , كي يسهل للمهتمين الوصول اليه, ويمثل رافد مهم للباحثين والمهتمين بالتاريخ العراقي, والامر سهل جدا لكن فقط نحتاج للارادة من قبل الجهات ذات الصلة.
امنية:
ان تعود مجلة الف باء للصدور اسبوعيا وكل يوم اربعاء كما كانت سابقة, او ان تصدر بشكل الكتروني فهنالك فراغ لم يسده اي اصدار اخر.
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم