ا . د . قاسم المندلاوي
يؤكد علماء الطب بان الالم المفاصل و العمود الفقري ” خاصة الفقرات الرقبية و الصدرية ” والاكثر انتشارا بين الكبار بالعمر لاسباب بدنية ناتجة عن اهمال الجسم وعدم ممارسة الرياضة فضلا عن اسباب مرضية ” التهابات” او وراثية او نفسية وان طريقة العمل والجلوس الطويل امام التلفيزيون او الحاسوب او الوقوف الخاطئ وسياقة السيارة .. الخ تخلق اوجاع و تشوهات للعامود الفقري ، كذلك البيئة الباردة تاثر سلبا و تؤدي الى الاصابة بمرض ” الروماتيز ” وعند استعمال المكيفات في فصل الصيف في البيئة الحارة تؤدي ايضا للاصابة بالروماتيز، كما ان تناول الاطعمة الدسمة ” الماكولات الدهنية و النشويات ” بكميات اكبر من حاجة الانسان تؤدي الى تراكم الدهون في الجسم وخاصة على سطح البطن مما يشكل عبئا اضافيا و ثقيلا على المفاصل و العظام و العامود الفقري والى تشويه القوام بسبب انتفاخ البطن وظهور” الكرش ” وان لهذه الحالة تاثير خطير وخصوصا على القلب والرئتين ” صعوبة التنفس ” والاصابة بمرض السكري و صعوبة المشي و الحركة فضلا عن الام المفاصل والظهروتشوه في العامود الفقري – كانحناء اوميلان الظهر للامام او للخلف ، وحسب توصيات الجمعية الامريكية للتغذية : ضرورة مراعاة نوعية و كمية الغذاء وخاصة نسبة الدهون و توزيعه مع مجمل ما يتناول الفرد للطعام يوميا ، وعند تخفيف الوزن لا يفيد التقليل من الدهون فقط بل ايضا ضرورة التقليل من تناول الخبز و اللحوم والحليب ومشتقاته ، فالافراط في اكل الطعام يزيد من اعراض المرض ، بينما تناول السمك تقلل من مرض” الالتهابات ” لانه يحتوي على زيوت ” اوميغا 3 ” والتي تؤدي الى زيادة كفاءة جهاز المناعة و ان زيت الزيتون يؤثر في تخفيف الالام لاحتوائه على مواد مضادة للالتهابات ومن الضروري التوازن في تناول الاطعمة حيث يسهم في الوقاية من المرض و السمنة ومن المفيد جدا تناول الخضراوات و الفواكه والتقليل من شرب الماء و المشروبات الغازية اثناء تناول الطعام لاجل ان تتم عملية الهضم بسهولة ، ومن المفيد ايضا تناول اللبن خالي او قليل الدسم و الغني بالكالسيوم و علينا تخفيف وزن الجسم تدريجيا ، لان سرعة فقدان الوزن له اثار سلبية على الاجهزة و الاعضاء ، وفي دراسة قام به باحثون من النرويج على عينتين من المصابين بالم الاكتاف و العامود الفقري وقد استمر العلاج لمدة ثلاثة اشهر وتم تقسيم المشاركين الى مجموعتين واحدة تلقت علاجا ” بالصدمة الكهربائية ” جلسة واحدة اسبوعيا ولمدة 4 الى 6 اسابيع بينما قامت المجموعة الثانية بممارسة تمارين رياضية خاصة باشراف مختصين ” جلستين كل اسبوع ولمدة 45 دقيقة ولفترة 12 اسبوعا ” وقد بدات المجموعتان العلاج في الوقت نفسه و منعوا من تناول اية علاجات اضافية خلال هذه الفترة ما عدا مسكنات الالم التي تشمل الادوية المانعة للالتهاب وبعد 18 اسبوعا قام الباحثون بقياس درجة الالم و الاعاقة في الحركة باستخدام نظام نقاط خاص وقد استنتجوا ان المرضى اللذين قاموا باداء تمارين رياضية خاصة حققوا انخفاضا في درجة الالم و الاعاقة في الحركة بنسبة 64 بالمائة مقارنة مع نسبة 36 بالمائة عند المجموعة التي تمت علاجهم بالصدمة الكهربائية ، واوصت الدراسة الى ممارسة التمارين الرياضية وباشراف مختصين لعلاج هذا النوع من الالم بدلا من العلاج بالصدمة الكهربائية لفترة قصيرة … علماء النفس أكدوا ايضا على اهمية ممارسة التمارين الرياضية ، كافضل دواء لمعالجة الحالات و الامراض العصبية و العقد النفسية والاجتماعية ” كالخوف و القلق و الخجل و الانطواء و الغرور و الكبرياء و غيرها ” و ان الغضب والتوتر العصبي يؤثر سلبا على افراز هورمون الكرتيزول الذي يزيد من تراكم الدهون في الجسم وخاصة في منطقة البطن ولها تاثيرات شديدة على القلب و الاجهزة الداخلية الاخرى و ينصحون الابتعاد كليا عن حالات التوتر والغضب و التعصب ، و يؤكدون على اهمية الترويح النفسي في اطالة العمر البيولوجي و تحقيق حياة هادئة ملىء بالسعادة و الفرح و ينصحون على اهمية الخروج للطبيعة و ممارسة الانشطة الرياضية في الهواء الطلق وضرورة القيام بسفرات للمصايف والمناطق الاثرية و التاريخية و البحار الدافئة وزيارة المتاحف و الحدائق العامة ، وأن يصبح الترويح النفسي جزء من ثقافة الانسان ، واكدوا ايضا على اهمية مشاهدة السباقات و البطولات و المهرجانات والاحتفالات الرياضية والاستماع للموسيقى و الغناء و الفلكلور واوصوا بان الترويح لا يعني المشاهدة و الاعجاب فحسب بل ايضا المشاركة بالفعاليات الترويحية المختلفة .. من هذا نجد الاهتمام الكبير لدى شعوب الدول المتقدمة الى ميادين الترويح النفسي واعتباره جزءا من نظام حياتهم وعاملا مفيدا ومهما في علاج الامراض والعقد النفسية وازالة الهموم و الاكتئاب و الاحباط و المتاعب و المعاناة والتخلص من اجواء المدينة المثقل بضوضاء وتفاعلات ومشاكل و خصوصا على الاعصاب وتشتت الفكر والتقليل من قدرة الفرد للتركيز على العمل و الابداع و الابتكار و الانتاج النوعي وعند الراضيين الفشل في تحقيق انجاز عالي و ارقام قياسية، وفي الطبيعة يشعر الانسان بالامان و السعادة و الفرح والجمال و الهدوء ويتنفس هواء نقي وجميع هذه الفوائد تساعد في تحسين اللياقة النفسية و البدنية و بالتالي تمديد العمر البيولوجي لاطول فترة من حياة الانسان ، وهذا ما تؤكد عليها الدراسات و الابحاث العلمية على اهمية الخروج الى الطبيعة و الابتعاد عن جو المدينة الملوث بغازات سامة كثاني اوكسيد الكاربون و الميثان وغيرها من الغازات المضرة على صحة الانسان فتسبب له جملة امراض سيما التهابات في جهاز التنفسي ، ففي المدن الكبيرة والمزدحمة بالسكان و السيارات و المعامل تزداد تلك الغازات لذا يحتاج الانسان الى الخروج من المدينة و التوجه للطبيعة والسفر لزيارة الاماكن السياحية و التراثية ذات التاثير الايجابي ليس فقط في تقوية الصحة البدنية و النفسية فحسب بل ايضا في توسيع آفاق المعرفة و الثقافة والعلاقات الاجتماعية و تزيد من التعاون و الصداقة والاحساس بالامن والامان و بالراحة النفسية و تجديد النشاط و الحيوية .. ففي الدول المتقدمة صناعيا تعتبر الرياضة حق مشروع لكل فرد في المجتمع ، وقامت حكومات تلك الدول برفع الحواجز التي تقف امام حرية الفرد ذكرا كان ام انثى في ممارسة الرياضة ، وتم بناء شبكات واسعة من المؤسسات الرياضية ” ساحات وملاعب ومسابح وقاعات وصالات رياضية مغلقة وطبقا لشروط و مواصفات عالمية و مزودة باحدث الاجهزة والادوات الرياضية في المدارس و الجامعات و الكليات و المعاهد و ساهمت الشركات الاهلية و الحكومية في بناء مدن رياضية كاملة ومجمعات ومراكز للالعاب الرياضية للاطفال و الشباب ومنتزهات ومصحات وبيوت سياحية ثابته و متنقلة وصالات لالعاب مشوقة وترفيهية ومسارح وغيرها في المدن و حتى في القرى واصبحت تلك المؤسسات الرياضية والترويحية مفتوحة لاستقبال المواطنين من جميع الاعمار من الجنسين ، واصبحت الرياضة في تلك الدول المتقدمة لا تشمل الابطال و البطلات و الفرق الرياضية و السباقات و البطولات فحسب بل حق مشروع لكل انسان في ممارسة الرياضة حسب تنظيم وترتيب وقته ” اي حسب الزمن المناسب له ” ، فالرياضة لدى شعوب تلك الدول هي بنفس الاهمية كالمأكل و المشرب … اما في دول العالم الثالث ” الدول النامية – النائمة ” و بلدنا احد هذه الدول ، فلا قيمة للرياضة ولا اية مكانة لها في حياة الانسان رجلا كان او امرأة واصبحت الرياضة غائبة بل مفقودة حتى في مدارسنا على اختلاف مراحلها وفي كلياتنا ومعاهدنا و جامعاتنا واصبح شعارنا ” الجسم السليم تحت رحمة تجارالادوية والعيادات الاهلية ” لذا نجد انتشار العيادات و الصيدليات والمختبرات الاهلية التجارية في اغلب شوارع ” بغداد – العاصمة ” وخلو المحافظات والمدن و القرى من المراكز الصحية و المستشفيات و الاطباء ، واصبح الانسان العراقي يعاني من جملة امراض و تشوهات بدنية و عقلية و نفسية واجتماعية وانه يقضي معظم اوقاته بين العيادات ومراكز تحليل الامراض والصيدليات الاهلية التجارية في بغداد و يصرف جميع ما لديه من المال لشراء ادوية باهظة الاثمان وباسعار خيالية والتي اغلبها فاسدة و مضرة على صحة المريض . .
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم