نصف الحق ونصف الحقيقة..!

نصف الحق ونصف الحقيقة..!


سرى العبيدي||

طالبة دكتوراة ✍️

قرأت النص التالي ، وهو واحد من روائع جبران خليل جبران، وستجدون في النص حكمة أراد جبران أن يعبر عنها عن شيء متعلق يشخصية الإنسان..

ما كتبه جبران كان فلسفة اعمق من أن يدركها الفلاسفة، وهو في كتاباته كان دائما يقول شيئا ، ولكنه يريد أشياء..أشياء فهمها منوط بالقاريء، وليس بالكاتب..الكاتب يكتب وعلى القاريء ان يفهم..

جبران يرى أن ليس من مهمة الكاتب إفهام المتلقي، بل أن مهمته الحقيقية هي أن يقول كلامه ويمضي، لأن الكتابة ليست كالطعام، يمكن أن يتناوله الإنسان والحمار كحاجة غريزية، الكتابة عند جبران "مادة" راقية، لا يرغبها إلا الذين أنتقلوا بمعرفتهم من الثقافة الشفاهية والصورية، الى الثقافة المدونة..

أصوات السومريين ضاعت بالأثير،ولم يتبق منها شيء، لكن ألواحهم الطينية باقية لغاية اليوم..لا أدري لمَ تذكرت ألواح قاسم العجرش الطينية، فهو الآخر من سنخ جبران، يقول كلمته ويمضي، تاركا إيانا ننقب بالطين الذي صنع منه كتاباته..

تعالوا الى النص الذي قرأته ففهمت منه أن جبران من حيث يريد أو لا يريد، رسم ملامح صادقة، لما بات يعرف اليوم بالمحاصصة أو مسخ التوافق السياسي!

 يقول جبران:

"لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل !

إذا صمتّ..فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت..فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت، إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضاً، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول..!

النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها.. النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك، النصف هو أن تصل وأن لا تصل، أن تعمل وأن لا تعمل، أن تغيب وأن تحضر..

 النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت.. لأنك لم تعرف من أنت .

 النصف هو أن لا تعرف من أنت.. ومن تحب ليس نصفك الآخر..هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه نصف شربة لن تروي ظمأك!

 نصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة .. 

النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان.. أنت إنسان .. وجدت كي تعيش الحياة ، وليس كي تعيش نصف حياة"

قارئي العزيز: لا تتوقع مني أن أدلك على الطريق، فأنا لا أتذكر تفاصيل هذا العالم رغم أنني دخلته مراراً...!

النصف الرديء..نصف الحق ونصف الحقيقة!

إرسال تعليق

0 تعليقات