الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي
كانت رحلة البحث عن بيت للاستئجار من اشد المحن التي مررت بها, فطوال اسبوعان وانا ابحث عن بيت صغير في احد احياء شمال شرق بغداد, حتى قال صديقي محاولاً تفسير الواقع: "ان تحرير فلسطين اسهل من البحث عن بيت للاستئجار في بغداد", كالبحث عن ابرة في كومة قش, والحقيقة خلال البحث واجهتني صدمتين: الاولى هي ندرة وجود بيت فارغ! والثانية هي ارتفاع اسعار الايجارات, حتى في المناطق الشعبية اصبحت الاسعار مرتفعة, وعندما تسأل عن السبب يقول لك: "الحكومة رفعة سعر صرف الدولار ومعه كل شيء ارتفع.
لذلك من كان يسكن بمائتين وخمسون الف دينار بالشهر اصبح عسيراً عليه ايجاد نفس سعر الاستئجار! الا ان تكون خربة او شقة صغيرة, ان السياسيين ذو البدلات الانيقة والعطور الفرنسية الغالية لم يفكروا بالمواطن, عندما اصروا على رفع سعر الدولار! كان كل همهم تطبيق منهج صدام في الحكم ويعملون بتوصياته والتي تقول: "اسحقوا الشعب يدوم حكمكم".
ازمة السكن احد اكبر مشاكل اهل العراق, ومع الاسف لم تأت حكومة تحمل الهم العراقي وتزيله بل تجاهلوا حل الازمة.
· عبد الكريم قاسم وقناة الجيش
قناة الجيش: هي ممر مائي صناعي في شمال بغداد، وُضعَ حجرها الأساس في عهد الرئيس عبد الكريم قاسم في 10 تشرين الأول عام 1960م، ولم يكلف الدولة دينارا واحدا لانه استخدم الجيش والياته في الحفر, وافتتحت في عهده في 15 تموز عام 1961، تبدأ القناة من شرق دجلة بين منطقة سبع أبكار تُضخّ وتجري من هناك متجهةً نحو شرق بغداد ثم إلى جنوبها حيث تصبّ في نهر ديالى في منطقة الرستمية، طول القناة 23 كيلومترا ونصف، وعرضها ثلاثة أمتار وعمقها متران ونصف.
مع افتتاحها حصلت قفزة عمرانية حيث وزعت الاراضي على ضفتي القناة لتظهر للوجود احياء سكنية احتوت ازمة السكن في تلك الفترة.
كان من الممكن ان تنطلق افكار بنفس هذه الرؤية عبر فتح قنوات اخرى وتوزع الاراضي على المواطنين على ضفتيها, بدل حال التكدس التي تعيشها بغداد والاختناق المزعج الذي يميز احيائها حاليا, هذا النوع من التفكير غير محبب للطبقة السياسية الحالية لانه في صالح المواطن وهذا ما لا يرضوه ابدا.
· الدعوة لتأسيس جمعية حماية المستأجر
اليوم اصبحت الحاجة شديدة لتأسيس هكذا جمعية والهدف منها حماية المستأجر, وهي موجودة بكل العالم المتحضر من عام 1915وتسهم في حل الاشكاليات التي يكون ضحيتها المستأجر, مثلاً التهديد بإلغاء عقد الإيجار, او زيادة قيمة الايجار الشهري, وتسهم الجمعية في تحديد اجور الاستئجار, فلكل مواطن الحق في العيش الجيد مقابل إيجار معقول, او الإصلاحات والصيانات والتي يجب أن يقوم بها مالك العقار.
كل هذا كفلته الشعوب عبر تأسيس جمعيات تدافع عن المستأجر من جشع ملاك العقارات, والحكومات تدعم هذه الجمعيات لأنها تؤسس للعدل وتحارب الظلم, لذلك هي دعوة لتأسيس هكذا جمعية رصينة, لرد الظلم عن المساكين ممن لا يملكون بيوتاً.
· قانون يحدد الايجارات
يجب على الاعلام والكتاب الشرفاء والمنابر الضغط على الحكومة, كي تقر قانون يحدد سقف الاستئجار, ويحمي المواطن من جشع الملاك, بحيث يكون القانون رحيماً بالمواطن ولا يبخس حق ملاك العقارات, بدل حالة الفوضى المنتشرة اليوم بشكل قبيح في كل بقعة من الوطن,
كذلك دعوة للبرلمان النائم, ان الشعب الذي انتخبكم يعاني, ويحتاج ان تشرعوا قوانين تنظم حياته وتحمي حقوقه وتحافظ على كرامته, ومنها قانون حماية المستئجر, كي تكون الدولة سند للمواطن, وهذا دور ومسؤولية البرلمان, وهم الى اليوم متهاونين ومفرطين بما في رقبتهم.
سؤال/ لماذا لا تقوم ثورة البناء العمودي؟
مصر في العقود الماضية خصوصا في السبعينات والثمانينات ومنتصف التسعينات, كانت تعاني من ازمة سكن خانقة, لكن قامت بفتح المجال امام المقاولين والشركات المحلية بالبناء العمودي, مع توفير قروض مصرفية وتسهيلات في استحصال الموافقات, عندها حصلت ثورة في البناء العمودي, لتنحسر ازمة السكن شيئاً فشيئاً.
هنا نتسائل لماذا لا يفتح الباب امام بناء ابراج سكنية, للمستثمرين, ولما لا يفتح الباب امام كل راغب ببناء عمارة سكنية مع التسهيلات, عندها يصبح السكن متوفر وتوجد فرص بديلة, ويتحول الاستئجار الى موضوع سهل ومتيسر, وتحفظ عندها كرامة شريحة واسعة.
اخيراً.. نتمنى الالتفات الى هذا المطلب الملح والاساسي, كي نضمن تحقق العدالة داخل المجتمع, وحفظ كرامة شريحة واسعة.
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم