د.رعد جبارة
زيارة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لايران أمس جاءت في توقيت حسّاس، وفي ظرف سياسي دقيق.فقد سبقتها زيارة الامين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف [اقتصادي كويتي شغل منصب وزير المالية في الكويت منذ 2017 حتى نوفمبر 2019، عُيّن أميناً عاماً لمجلس التعاون الخليجي بدءاً من الأول من فبراير 2020] الى بغداد و محادثاته مع كبار مسؤوليها بشأن الأمن الاقليمي و مشروع الربط الكهربائي للعراق مع البلدان الخليجية وتنمية الاستثمارات الخليجية في القطاع الاقتصادي العراقي ،مما يستدعي تقديم التطمينات للجانب الايراني بأن أي انفتاح اقتصادي لبغداد على جاراتها الخليجية لن يؤثّر بالضرورة على علاقاتها مع طهران.و هناك من يتفاءل خيرا بهذا الامر، ويعدّه جسراً للتقارب بين طهران و الرياض، باعتبار أن الحكومة العراقية السابقة في عهد عادل عبد المهدي كانت قد بدأت في بذل سلسلة من المساعي الحميدة الهادفة لتقريب وجهات النظر بين ايران والسعودية ، و تمهيدا لتطبيع الاجواء بينهما،و زارهما عادل عبد المهدي ولقي منهما ترحيبا بهذه المساعي، وكان ثمة موعد رسمي وسري للفريق قاسم سليماني مع رئيس الوزراء العراقي آنذاك لتسليمه الرد الايراني الرسمي لكيفية استئناف العلاقات الايرانية- السعودية، لكن الدوائر الصهيونية تتضرر من تطبيع علاقات الرياض و طهران، فجاء القصف الامريكي لسيارة الفريق سليماني اثناء خروجها من مطار بغداد، ثم اضطر عادل عبد المهدي لتقديم استقالته [ بعد خطبة كربلاء، و ضغوط السفارة الأمريكية ببغداد عليه، و تحريكها لأحداث الشغب في بغداد و المحافظات الوسطى و الجنوبية ] مما حال دون استمرار تلك الوساطة ، التي لم ترغب بنجاحها اساسا إدارة ترامب واللوبي الصهيوني، فتوقفت جهود الوساطة العراقية منذ حوالي العام ونصف العام. و مع سقوط الارعن ترامب الخاسر ذي الحظ العاثر و مجيء حكومة بايدن و ما تمخض عن قمة "العلا" الخليجية من المصالحة السعودية - القطرية ، و إبداء استعداد قطر للوساطة بين طهران والرياض؛ يبدو أن حكومة الكاظمي قررت الإمساك بعنصر المبادرة و استئناف جهود بغداد السابقة من أجل تحقيق انفراج في العلاقات السعودية - الايرانية ، لا سيما مع تزايد مظاهر فشل حكومة الكاظمي داخلياً و تفاقم النقمة عليها و تعرّضها لضغوط كبيرة من الكتل النيابية الشيعية ،و احتمال استجوابه وعزله برلمانياً، فقررت بغداد بذل هذه المساعي الحميدة لتقديمها كامتياز و ورقة ترضية لطهران عسى أن توحي الأخيرة لأصدقائها فيوقفوا مساعيهم لإسقاط حكومة الكاظمي ريثما ياتي موعد الانتخابات النيابية العراقية المقررة في 10/ 10من العام الحالي.و المعروف ان وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين يسير على خطى سلفه(قبل محمدعلي الحكيم) هوشيار زيباري في التقرب من الرياض و شقيقاتها الخمس و من طهران في نفس الوقت، و هو و رئيسه مصطفى الكاظمي يعلمان أنهما لا يمكنهما الاستمرار في السلطة إلا برضى الكتل البرلمانية الشيعية [ دولة القانون، و الفتح و عراقيون و سائرون] اذن لابد من استرضاء طهران و كسب ودّها للتأثير على اصدقائها في الساحة العراقية معنوياً.من جانب آخر؛ ثمة اموالٌ إيرانية مجمّدة في العراق هي عبارة عن ديون بذمة بغداد،وهي تتكون من قسمين:
□الاول مودع بحساب الشركة الوطنية للغاز لدى المصرف التجاري العراقي
□و الثاني لم تقم وزارة الكهرباء العراقية بدفعها و تبلغ حوالي 5-6 مليار دولار.
(وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾[الحشر/9]
☆دبلوماسي سابق،رئيس تحريرمجلة"الكلمةالحرة"
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم