أربعة عقود مضت , ولا يزال ( القطار ) معلقا حتى الآن ..

أربعة عقود مضت , ولا يزال ( القطار ) معلقا حتى الآن ..


 
عزالدين المانع
أكثر من أربعة عقود مضت ولا يزال المعنيون في محافظة بغداد وأمانتها يتحدثون عن ( مشروع القطار المعلق ) أو ( مترو بغداد ) الذي كان من المقرر إنجازه خلال خمس سنوات من توقيع الاتفاق عليه مع الشركات الأجنبية والمعروفة على نطاق المشاريع الاستراتيجية المنجزة في عدد من بلدان العالم ..
وقبل أيام تحدث محافظ بغداد محمد جابر العطا عن هذا المشروع المتعسر في رحم الأعوام المنصرمة مؤكدا أنه الآن في مرحلة (( تجهيز العقود الخاصة )) مع الشركات العالمية المتخصصة بعد الاستقرار على أحد خيارات التمويل من القروض الدولية , والخيار الأرجح هو القرض الصيني العراقي المشترك ..
وقبله , كان محافظ بغداد السابق فلاح الجزائري قد أعلن عن توقيع (( مذكرة تفاهم )) مع إحدى الشركات الصينية للمشاركة بتنفيذ هذا المشروع ..
وكان المحافظ الاسبق علي التميمي قد كشف عام 2013 عن تشكيل لجنة متخصصة ( لمتابعة دراسة وتصميم وعمل هذا المشروع مع شركة الستوم
الفرنسية , ومشيرا إلى ( نيته ) التعاقد مع شركات عالمية لتدقيق التصاميم المنجزة حتى الآن ) ..
وفي تصريح لاحق للمحافظ التميمي نفسه خلال عام 2013 بالذات قال (( إن تصاميم القطار المعلق المؤمل تنفيذه في بغداد هي نفس تصاميم قطار دبي المعلق الذي نفذته شركة – الستوم – الفرنسية إلى جانب عدد من المشاريع المماثلة في الدول العربية والعالمية )) ..
وكنت قد تحدثت في عمود صحفي نشر خلال شهر حزيران عام 2013 في أكثر من صحيفة , أي قبل أكثر من عشرة أعوام ونيف عن هذا المشروع تحت عنوان (( تيتي .. تيتي .. مثل ما رحتي إجيتي )) .. قلت فيه : (( بعد أكثر من ثلاثة عقود من الدراسات والتخطيط والتزمير , لا يزال – مترو بغداد – أو القطار المعلق – متعسرا في رحم الروتين .. وكانت (( أمانة بغداد )) قد دعت الشركات العالمية الراغبة بالتعاقد معها لوضع المتطلبات الفنية والتعاقدية والقانونية
للمرحلة الأولى من المشروع بمساريه حسب الدراسات السابقة .. وبعد كل هذه ( الجعجعة ) المثيرة والتصريحات الرنانة والوعود والأحلام الوردية , وبعد أن شمرت أمانة بغداد فعلا عن ذراعيها لأحياء المشروع الذي يعتبر الأكبر والأضخم والأشمل من حيث التخصيصات المالية , يطلع علينا وزير النقل عام 2009 – بكل رهاوة – داعيا الأمانة إلى ( استبدال ) فكرة إنشاء المترو بمشروع القطار المعلق , ولا ندري أين كان الوزير عن هذه الفكرة خلال الفترة التي استقبلت فيها العديد من ممثلي الشركات المعنية , وشكلت عشرات اللجان الفنية المشتركة وعقدت الاجتماعات المتكررة , ولماذا لم يطرح هذه الفكرة قبل الاتفاق مع تلك الشركات المعنية ؟؟
ولا أريد الأسهاب في هذا الموضوع الذي استنزف خزينة الدولة خلال هذه الرحلة – الخرافية – بما يعادل كلفة ثلاثة أو أربعة مشاريع مماثلة في العالم ؟؟
وهذا ما اعترف به محافظ بغداد السابق فلاح الجزائري شخصيا وصرح به لوسائل الإعلام خلال شهر نيسان من العام المنصرم 2019 حيث قال : (( إن ما أنفق فقط على تصاميم مشروع القطار المعلق في بغداد يقدر ب ( 40 ) مليون دولار , أو ما يعادل أكثر من ( 50 ) مليار دينار , وهو مبلغ – يوجع القلب ويؤدي بأي واحد منا بالجلطة )) ..
وعقب أحد المختصين بالشؤون المالية على هذا – الاعتراف – بقوله : ( لقد تم دفع 45 مليون دولار لإنجاز التصاميم الأولية للمشروع فقط .. وإن هذا المبلغ كان يمكن أن يشمل التنفيذ أيضا .. مؤكدا حجم – المصيبة – التي تضرب العراق والمواطنين من قبل مجموعات سياسية لم يعد كافيا وصفها بأنها متهمة بالفساد وعدم الخبرة دون رادع أو وازع من ضمير ) ..
ولا ندري بعد كل هذه ( الجنجلوتية ) الطويلة التي دامت أكثر من أربعة عقود ولا تزال , هل سيتم إنجاز هذا المشروع بالفعل , أم إنه سيظل مراوحا في مكانه لحين صرف المزيد من الدولارات على الوفود واللجان وممثلي الشركات الأجنبية .. ومن ثم تشكيل ( لجنة جديدة ) تقوم بنسف المشروع من أساسه بحجة عدم توفر التخصيصات المالية ضمن الموازنة السنوية ووجود العجز الكبير الذي يحول دون إنجاز هذا المشروع وغيره من المشاريع المماثلة في العراق .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

إرسال تعليق

0 تعليقات