موقف الحلبوسي تجاه تكليف علاوي بدأ من دبي الى الانبار

موقف الحلبوسي تجاه تكليف علاوي بدأ من دبي الى الانبار




محمود المفرجي الحسيني

لا احد ينكر حالة الاضطراب السياسي السائدة في المشهد، بعد تكليف محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة خلفا لرئيسها المستقيل عادل عبدالمهدي، وهذا الاضطراب لا يتحمله علاوي الذي اتى في ظروف صعبة للغاية في ظل الانقسام السياسي والتظاهرات التي تعم عدد من مناطق البلاد، بل تتحمله الطبقة السياسية وبالتحديد الرئاسات التي اختلفت او تغير موقفها من هذا الترشيح.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، قد اتهم في مقابلة تلفزيونية برهم صالح بالتصرف وفق رأيه الشخصي خلال تكليف محمد علاوي بالقول "يجب أن يتعامل رئيس الجمهورية مع الدستور باعتباره حامي له بعيداً عن رأيه الشخصي، لأن الدستور هو حاكم لنا وله ولكل مؤسسات وشرائح الشعب العراقي"، مبيناً أن رئيس العراقي "رفض كل المرشحين وأصر على تجاوز المدة الدستورية التي نص عليها الدستور 15 يوماً للوصول إلى مرحلة تكليف محمد علاوي".
الى ذلك رد مصدر مسؤول في الرئاسة باستغراب عن تصريحات الحلبوسي ، قائلا، ان "رئيس مجلس النواب كان موجودا يوم التكليف في مقر رئيس الجمهورية، وكان ذلك بحضور مندوبة الأمم المتحدة جنين بلاسخارت والعديد من النواب والقيادات السياسية، وانه أعلن صراحة تأييده لترشيح محمد علاوي، وذلك قبل تكليفه رسميا من قبل رئيس الجمهورية".
وفعلا تم تسريب صور لتواجد الحلبوسي في يوم تكليف علاوي، وبدت الصور بان الحلبوسي متفاعل مع القضية وموافقا لها.
الا ان مكتب الحلبوسي أوضح مجريات حضور الحلبوسي إلى منزل رئيس الجمهورية خلال تكليف محمد توفيق علاوي وقال، ان "رئيس مجلس النواب كان قد تلقَّى دعوة من رئيس الجمهورية برهم صالح للحضور إلى الغداء في الثاني من شباط الجاري، كما قد طلب رئيس الجمهورية أن تجرى مراسم تكليف محمد توفيق علاوي بشكل رسمي ومعلن وبحضور رئيس المجلس، وان رأيه كان أن مراسم التكليف ليست من مهام رئيس مجلس النواب، وقد غادر المنزل بعدها، وأثناء الخروج التقى بالمكلف عند البوابة وجرى تبادل التحايا".
هذا الجدل "الرئاسي" يؤكد حالة خطيرة، بعدم وجود قرار عراقي اعلى حول الكثير من القضايا، فضلا عن القضايا الخطيرة مثل تسمية رئيس سلطة تنفيذية للبلاد، كما انه يؤكد بان الرئاسات تتأثر باراء ومواقف يمكن ان تغير موقفها بصورة لا تنسجم مع خطورة المرحلة الحالية في البلاد.
فاذا كان الحلبوسي غير موافق لتكليف علاوي اثناء حضوره لمراسيم التكليف، فكان الاحرى به اعلان موقفه بعد خروجه من مكتب الرئيس صالح مباشرة، لا ان ينتظر ما يقارب شهر لاعلان موقفه .
ان سكوت الحلبوسي كل هذه الفترة، يؤكد بشكل لا يقبل اللبس بان هناك مستجدات طرأت على موقف الحلبوسي دفعته الى تغيير موقفه بهذا الشكل.
هذه الاحداث اتت بعد تسريبات صحفية اشارت الى عقد اجتماع لقيادات سياسية سنية في الإمارات ليومين متتاليين لمناقشة خطوات تشكيل إقليم سني، بحسب ما ذكرته نخب عراقية.
وقالت النخب العراقية إن الاجتماع عقد في إمارة دبي وحضره رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس كتلة المحور الوطني المطلوب على لائحة وزارة الخزانة الأمريكية أحمد الجبوري، إضافة إلى رئيس (حزب الحل) جمال الكربولي ورئيس شبكة قنوات الشرقية سعد البزاز ونواب وقيادات سياسية سنية أخرى.
وبيّنت، أن الاجتماع ناقش فكرة إنشاء إقليم طائفي برعاية إماراتية والالتفاف على مطالب المتظاهرين التي تتلخص في وطن موحد مستقل لا يخضع للإرادة الخارجية وشعب موحد لا تفرقه السياسة.
كان النائب عن محافظة الأنبار فيصل العيساوي، قال إن خطوات عملية بدأت نحو تشكيل إقليم الأنبار، مبينا أن التجاهل الحكومي للمحافظات السنية والرغبة الجامحة في تطبيق فكرة الدكتاتورية على مكون معين من الأسباب الرئيسية التي دفعت القوى السياسية للمضي نحو تأسيس إقليم الأنبار.
ولفت العيساوي في تصريح إلى إنهم في محافظة الأنبار شرعوا بالعمل واتخذوا الإجراءات الحقيقية مع فرق عمل تشمل الأحزاب والمنظمات والعشائر.
وقال إن فكرة إقليم الأنبار تأتي بعد النجاح الذي حققه إقليم كردستان طوال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن "الأقاليم حالة دستورية متطورة وأغلب دول العالم تعتمد عليها في توزيع الصلاحيات وتخفيف العبء عن المركز".
وبعيدا عن صحة هذا الاجتماع، ورغم نفي الحلبوسي لعقده، الا انه يستحق الوقوف عنده، وستقفز الى الذهنية مسألتين رئيسيتين، احداهما او كلاهما دفعت رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الى تغيير موقفه:
الاولى : هي حالة الخطورة الكبيرة بوجود امكانية لرئيس اعلى سلطة تشريعية في البلد ان يتبنى او يشارك في اجتماع يساعد على تفتيت العراق.
الثانية : هي ان خلاف الحلبوسي لترشيح علاوي يتمحور في اجواء المحاصصة التي اعتدنا عليها في الدولة العراقية منذ عام 2003 ولحد الان، وهذا ايضا خطير بان يساعد رئيس هذه المؤسسة الخطيرة على تبني خطاب حزبي "مكوناتي".
كما انه يؤكد، بان هذه الكتل غير متفاعلة تماما مع الرغبة العراقية العارمة التي عبر عنها المتظاهرين السلميين بضرورة انهاء الفساد والقضاء على المحاصصة والبدء بمرحلة جديدة لبناء دولة عراقية حقيقية قوامها الاخلاص وبناء البلد وصنع الرفاهية للشعب العراقي الذي يستحق ادارة شؤونه بما ينسجم مع عراقته وتاريخه.

إرسال تعليق

0 تعليقات