جهاد نافع
أطاحت العاصفة التي مرت على لبنان بأوراق التين عن عورات الكثير من الادارات الرسمية وكشفت حجم الاهمال والتهميش لمناطق لبنانية عديدة وفي طليعتها المناطق الشمالية كافة، لا سيما في مناطق عكار والضنية والمنية وطرابلس. بل كان اكثر من اصيب في تلك العاصفة وقد تتكرر الكارثة بالعاصفة التي بدأت امس هي مخيمات النازحين السوريين ومناطق سهل عكار الذي نكب بفيضانات قضت على القطاع الزراعي برمته في تكرار سنوي لمشهد الكارثة في عكار نتيجة فيضان النهر الكبير الجنوبي الذي يحصل منذ العام 1992، حيث ترتفع الاصوات منذ ذلك الحين للمطالبة بانشاء ساتر ترابي للنهر على غرار الساتر الذي انشأته الدولة السورية على ضفة النهر من الجهة السورية. وفي كل كارثة تحصل في سهل عكار يستقبل المواطنون والمزارعون في عكار الوفود الرسمية ويهللون كما حصل بالامس لجولات نواب ومسؤولين ولا ينالون الا الوعود التي سرعان ما تتناثر مع العواصف وتنتهي الى غير رجعة ليستقبل العكاريون موسما جديدا من الامطار والفيضانات في السنة التالية بتكرار لمشهد الكارثة وكأن القدر كتب على العكاريين ان يرزحوا تحت وطأة الوعود والكوارث.
غير أن مشهد امس المثير كان بمثابة جرس انذار للجميع في الدولة اللبنانية وللدول الخليجية والاوروبية التي اغدقت الملايين من الدولارات على مؤسسات وجمعيات ترفع شعار الانسانية وخدمة النازحين السوريين وقد كشفت الكارثة الطبيعية ان هذه الاموال انفقت في غير مكانها وربما ذهبت الى جيوب منتفعين ومستفيدين من جمعيات ومؤسسات استغلت جيدا النزوح السوري وأثرت على حساب هذا النزوح منذ بداياته والى اليوم، ولذلك نجد هؤلاء وفق ما تقوله احدى الفاعليات من المطلعين على ملف النزوح السوري أن هؤلاء المستفدين هم اكثر الناس اصرارا على رفض عودة النازحين الى ديارهم واطلاق مبررات وحجج باتت مكشوفة وواهية، ولذلك فان بعض هذه الجمعيات تقوم بجولات على مخيمات النزوح السوري تحذرهم من العودة وتطرح عليهم تساؤلات عما اذا كانوا مطمئنين لهذه العودة او ان لديهم منازل تأويهم وينقلون لهم «خبريات» ملفقة تتحدث عن اعتقالات وملاحقات أمنية لعائدين ثبت لاحقا انها مجرد أكاذيب لا تمت الى الحقيقة بصلة وما يحصل هو بالعكس تماما حيث تسارع الدولة السورية الى احتضان قوافل العائدين وتقدم لهم كل وسائل الراحة والاستقرار والمساعدات بكل اوجهها مع ضمانات الامن والامان لهم.
تحاول بعض الجمعيات استغلال ما حصل في مخيمات النازحين خلال العاصفة التي اغرقت هذه المخيمات بالسيول لاستدرار عطف الدول الخليجية من جديد وحتى الامم المتحدة للحصول على تمويل ومساعدات بهدف العمل على تثبيت النزوح في لبنان من جهة وعلى الاستفادة من هذه المساعدات والهبات المالية. استباقا لما قد يحصل هذا العام من توفير كل الظروف لعودة معظم النازحين الى ديارهم، حيث ينتظر ان ترتفع نسبة العائدين بشكل لافت رغم كل المحاولات التي تجري لعرقلة هذه العودة وان مستوى التنسيق بين لبنان وسوريا في هذا الملف بلغ درجة عالية لتأمين عودة آمنة وطوعية للنازحين برفض واضح من هؤلاء النازحين لكل المحاولات الجارية من منعهم كي يبقوا ورقة ضاغطة بيد فرقاء لا زالوا يراهنون على متغيّرات باتت مجرد احلام في ظل ما تشهده سوريا من اتساع لرقعة الامان والاستقرار بعد تحقيق الانتصارات على الارهاب في سوريا.
ولعل عودة دول عربية وخليجية الى الحضن السوري كافية للتأكيد ان مسألة النزوح باتت في مراحلها الجدية لعودة النازحين ليس في لبنان وحسب بل وحتى في الاردن وبقية الدول التي نزحوا اليها للمشاركة في اعمار سوريا.
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم