سلط تقرير لوكالة “رويترز” الخميس، الضوء على انتخابات الرئاسات الثلاثةفي العراق ومدى تمكن القيادات الجديدة من تحقيق الاستقرار للبلاد.
وأفاد التقرير الذي نشر اليوم، أن العراق أصبح له الآن قياداته العليا الثلاث متمثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان واقترب من تشكيل حكومة جديدة بعد شهور من الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة التي شهدت إقبالا منخفضا بشدة على التصويت وادعاءات واسعة الانتشار بالتلاعب في الأصوات.
وأوضح أن “اختيار سياسي كردي يحظى بالاحترام رئيسا جديدا للجمهورية وتكليفه لشخصية توافقت عليها الآراء لرئاسة الوزراء، أتاحت فرصة مهمة للبلاد لتحقيق الاستقرار بعد سنوات الصراع الطائفي والحرب والاضطرابات الاقتصادية”.
وأضاف التقرير أن رئيس الجمهورية المنتخب برهم صالح يحظى باحترام كل من الولايات المتحدة وإيران الخصمين، وبعد انتخابه من قبل مجلس النواب وجهت السفارة الأمريكية في بغداد والرئيس الإيراني حسن روحاني، التهنئة له بمناسبه فوزه بالمنصب، وهو الأمر الذي أثار الآمال أن يتمكن من تنشيط الدور الشرفي التقليدي الذي يلعبه الرئيس ويتواصل مع طهران وواشنطن بما يحقق النفع للعراق.
وبحسب مراقبين فان انتخاب صالح رئيسا، كان أول مرة تصعد فيها شخصية لأعلى المناصب في العراق دون اتفاق عبر مداولات مسبقة وهذه نتيجة ربما تشير إلى أن النواب يقدمون الاحتياجات الملحة للبلاد على المكاسب السياسية.
وأشار التقرير، إلى ان تكليف القيادي السابق في المجلس الإسلامي الأعلى عادل عبد المهدي، لرئاسة الوزراء نزع فتيل ازمة بعد توتر استمر شهورا بين الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين اللتين فازتا بأكبر عدد من المقاعد ولهما أقوى الفصائل المسلحة.
كما يمثل اختيار عبد المهدي، لرئاسته الوزراء نهاية حكم حزب الدعوة الذي استمر 15 عاما هيمن خلالها على الحياة السياسية في العراق منذ الإطاحة بنظام صدام حسين في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003، حيث أكد نواب ان “هذا بالتحديد هو ما جعل عبد المهدي اختيارا مغريا لا سيما لرجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر الذي يعارض حزب الدعوة”.
وجاء اختيار عبد المهدي، لرئاسة الحكومة بعد أسابيع من الاحتجاجات التي شهدتها البصرة الغنية بالنفط والتي هددت بزعزعة استقرار البلاد، وقد أقنع عجز الحكومة عن احتواء هذه الاحتجاجات وتوفير الخدمات الأساسية التي كان السكان يطالبون بها زعيم التيار الصدري، بالتخلي عن حليفه حيدر العبادين رئيس الوزراء المنتهية ولايته.
وأكد مصدر مقرب من الصدر، انه بعد الاضطرابات في البصرة، كان الصدر، على قناعة بأن رئيس الوزراء الذي فشل في توفير الماء النظيف لشعبه سيفشل مطلقا في توفير الاستقرار لبلده، وهذا كان كافيا لزعيم التيار الصدري لكي يجلس مع العامري ويقبل بمرشح التسوية، عادل عبد المهدي”.
بعد ذلك قام رئيس الجمهورية المنتخب بتكليف عبد المهدي بتشكيل الحكومة بعد أقل من ساعتين من اختياره رئيسا، ووصل عبد المهدي إلى البرلمان حتى قبل انتهاء عملية انتخاب الرئيس مدركا أن الأمر قد تهيأ له، حيث كان من العوامل الرئيسية حصوله على موافقة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فيما كان الاختبار الآخر الذي نجح فيه عبد المهدي هو الحصول على مباركة المرجعية الدينية الممثلة بالمرجع الأعلى علي السيستاني، والذي يحث الساسة منذ فترة طويلة على الكف عن التشبث بالسلطة وإتاحة الفرصة لجيل جديد من التكنوقراط لإعادة بناء العراق.
وأكد تقرير الوكالة وجود تنافس بين كل من واشنطن وطهران منذ شهور على التأثير في شكل الحكومة العراقية المقبلة، لكن لا يستطيع أي منهما أن ينسب لنفسه الفضل في اختيار من يشغل منصب الرئيس.
وقال الباحث الزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بلال وهب، إن “النتيجة لم تحسم مسبقا، ورغم التدخل الأمريكي والإيراني كان الكل على الهاتف. كانت عملية سياسية فريدة. سياسة حقيقية. لكن هذا كان حدثا شاذا”.
جدير بالذكر انه ومنذ سقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، عام 2003 تقاسمت الطوائف الثلاث الرئيسية في البلاد عرقيا ودينيا السلطة فكان منصب رئيس الوزراء الذي يعد أهم المناصب من نصيب عربي شيعي ومنصب رئيس البرلمان من نصيب عربي سني، بينما كانت رئاسة الجمهورية من نصيب شخصية كردية وذلك رغم أن هذه الصيغة لم تضمن الاستقرار.
0 تعليقات
نرحب بتعليقاتكم